حقوق الصورة محفوظة – حصة السديري؛ المدير الإبداعي التنفيذي
Publicis Communications – KSA
يشهد الحديث عن المتغيرات التي تجري بشكل مستمر في إطار التسويق ومخاطبة الجمهور في المملكة العربية السعودية، طرحاً متكرراً للعديد من الأسئلة والمخاوف، في ظل تكنولوجيا تخدم بشكل مباشر مجال عملنا. كما تتسارع ملامح التغيير في الجمهور المستهدف، من سعودي وعربي أولاً إلى جمهور سعودي بروح معاصرة مستقلة، مع تزايد أعداد الوافدين من مختلف أنحاء العالم الذين يعيشون تحت ظلال الراية الخضراء، فضلاً عن أكثر من مليون زائر سنوياً. وأمام هذا التغير السريع، أصبح فن التواصل يتأرجح بين الحدس والمعرفة، بين المألوف والمجهول، في زمن لا ينتظر أحداً، ولا يمنح فرصة للتردد أو التراجع.
البيانات والمعلومات ورحلة الابداع الذكي..
تقول حصة السديري: «في عصر تهيمن فيه البيانات والمعلومات، لم يعد دورنا ينحصر في معرفة ما يُعجب أي إنسان وحسب، بل في فَهْم احتياجاته الحقيقية وتقديمها في الوقت المناسب بأسلوب مباشر وفعال، إذ لم نعد بحاجة إلى زخرفة العروض أو تحميل المنتجات بعبارات عاطفية لإقناعه، بل أصبحنا قادرين على تقديم ما يبحث عنه تماماً، بطريقة ذكية وسهلة، الأمر الذي دفع العديد من الشركات حول العالم إلى تبني لغة واقعية وعملية تتجاوز التجميل اللفظي إلى ما يمكن وصفه ببساطة بــ «ترتيب الفكرة بذكاء وإتقان»؛ فقد بلغ الوصول إلى الجمهور المستهدف ذروته، ما يحتّم علينا أن نمزج الإبداع بالابتكار.
ومن اللافت أن القطاع العام في المملكة بدأ يتفاعل بحماسة مع هذا التغيير، ومستعد لسبر طرق جديدة للتواصل مع جمهوره، مبتعداً بشكل تدريجي عن كل ما هو تقليدي الذي لطالما ارتكز على أساليب مألوفة، بما في ذلك مقاطع فيديو، تعليق، ومشاهد تعكس الكلمات التي نسمعها.
ومع أن الجانب العاطفي ما زال يشكّل عنصراً مهماً، إذ تبقى الرسائل الملهمة التي تخاطب القلوب قبل العقول جزءاً لا غنى عنه، غير أن المشهد الإعلامي يشهد تحولات كبيرة. اليوم، ثمة نماذج متقدمة لإعلانات لا تكتفي بالتواصل مع الجمهور، بل تتبنى جسوراً من التفاعل الحقيقي، وتوفر تجارب تتجاوز مجرد المشاهدة. على سبيل المثال لا الحصر، حملة «طائراتنا وصلت» لموسم الرياض التي تم بموجبها إطلاق طائرات في أرجاء المملكة للترويج للفعالية، حيث شجعت الناس على التقاط الصور ومشاركتها عبر منصات التواصل الاجتماعي بدلاً من الأساليب التقليدية المتبعة في الإعلان. كما تميز حفل أوركسترا أليكسا الذكية الذي نظمته هيئة تطوير بوابة الدرعية في اليوم الوطني لعام 2024، على مطل البجيري، من خلال توظيف الذكاء الاصطناعي لتقديم تجربة تفاعلية حيّة لا تزال تتردد أصداؤها حتى اليوم. وهنالك العديد من الأمثلة التي تدمج بين الإبداع والابتكار لتتجسد في فكرة مبهرة تظل عالقة في الأذهان.
لكن برأيي الشخصي، يكمن التحدي الحقيقي في رغبة جماعية من المُعلنين والوكالات في البقاء داخل منطقة الراحة، المألوفة، تلك التي تدعمها الأرقام والدراسات، والتي تسهل مشاركتها في الاجتماعات الرسمية، وتلقى قبولاً وترحيباً من أصحاب العلامة التجارية؛ فالتغيير ليس بعيداً، بل بدأ بالفعل، ومن سار أولاً في هذا الطريق، هو بلا شك السّبّاق دائماً.
اليوم، تستثمر المملكة مبالغ ضخمة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وتفتح أبوابها للعالم لزيارتها والإقامة فيها، في وطن يحتضن تحت سمائه جنسيات عدة وثقافات متنوعة. وعلى الرغم من ذلك، إلا أن النقاش لا يزال يدور حول الطرح الإبداعي الذي يتم توجيهه بشكل رئيس للمواطنين السعوديين».








